مرّة واحدة لا تكفي
"من وصايا جدّتي الهاشميّة" ، عنوانٌ لكتابٍ يبدأ بحرف الجر ( من ) الذي يأتي بكثيرٍ من المعاني ومنها التبعيض؛ أي اقتطاع جزءٍ من كل. هنا المؤلف أ.حسن آل حمادة يقتطعُ وصايا لجدّته الهاشمية ويقدِّمها ببراعة وإتقان. يخبرنا الكاتب بأنَّ هذه ليست كلّ الوصايا، فالكل يعلم بأنّ حديث الجدّات بلا نهاية وكلُّ حديثهنّ ممتع. فالجدّةُ كنزٌ، وما هذه الوصايا إلّا جوهرةٌ مطرّزة بالحكمة من ذلك الكنز.
كتابٌ أشبهُ بطائرةٍ تحملُ رؤىً متعدّدة الجوانب، إضاءات ملفتة وجذّابة، تتخذُ كلَّ قلبٍ مطارًا لها تهبط فيه، وحين تهمُّ بالإقلاع مجدَّدًا تصحبُ العقل معها فتحلُّقُ بهِ إلى فضاءاتٍ أوسع.
مَنْ منّا يملُّ حديث جدّته وقصصها؟ الجدّة تحكي القصة بدل المرة ألف، ومع ذلك لا نشعرُ بضجرٍ ولا سأم. ونطلب منها أيضًا أن تعيد على مسامعنا تلك القصص. وحين نكبر نحدّث بها أولادنا وأحفادنا.
كثيرةٌ تلك الكتب التي تُقرأ مرةً واحدة ثمّ تهجر إلى أن يحين موعدُ مطالعتها من جديد أو ينتهي بها الحال لأن تصبح مزارًا للغبار على الرفوف. هذا الكتاب فريدٌ من نوعه فالوصايا ليست لليوم فقط بل لكلّ أيام حياتنا. نجدُ فيها ما يلهمنا دومًا لنستبصرَ بها طريقًا بين ظلماتٍ كثيرة. كتابٌ لا تكفيه قراءةٌ يتيمة، فَمِنْ روعتهِ، هو كخطّةٍ نضعها للحياة ونرجاعها بين الفينة والأخرى.
28/06/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق